مكية إلا سجدتها فمدنية أو إلا { فخلف من بعدهم خلف } الآيتين فمدنيتان وهي ثمان أو تسع وتسعون آية نزلت بعد فاطر بسم الله الرحمن الرحيم
{ كهيعص } الله أعلم بمراده بذلك
هذا { ذكر رحمت ربك عبده } مفعول رحمة { زكريا } بيان له
{ إذ } متعلق برحمة { نادى ربه نداء } مشتمل على دعاء { خفيا } سرا جوف الليل لأنه أسرع للإجابة
{ قال رب إني وهن } ضعف { العظم } جميعه { مني واشتعل الرأس } مني { شيبا } تمييز محول عن الفاعل أي انتشر الشيب في شعره كما ينتشر شعاع النار في الحطب وإني أريد أن أدعوك { ولم أكن بدعائك } أي بدعائي إياك { رب شقيا } أي خائبا فيما مضى فلا تخيبني فيما يأتي
{ وإني خفت الموالي } أي الذين يلوني في النسب كبني العم { من ورائي } أي بعد موتي على الدين أن يضيعوه كما شاهدته في بني إسرائيل من تبديل الدين { وكانت امرأتي عاقرا } لا تلد { فهب لي من لدنك } من عندك { وليا } ابنا
{ يرثني } بالجزم جواب الأمر وبالرفع صفة وليا { ويرث } بالوجهين { من آل يعقوب } جدي العلم والنبوة { واجعله رب رضيا } أي مرضيا عندك
{ يا زكريا إنا نبشرك بغلام } يرث كما سألت { اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا } أي مسمى بيحيى
{ قال رب أني } كيف { يكون لي غلام وكان امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا } من عتا يبس أي نهاية السن مائة وعشرين سنة وبلغت امرأته ثمانية وتسعين سنة وأصل عتي عتو وكسرت التاء تخفيفا وقلبت الواو الأولى ياء لمناسبة الكسرة والثانية ياء لتدغيم فيها الياء
{ قال } الأمر { كذلك } من خلق غلام منكما { قال ربك هو علي هين } أي بأن أرد عليك قوة الجماع وأفتق رحم امرأتك للعلوق { وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا } قبل خلقك ولإظهار الله هذه القدرة العظيمة ألهمه السؤال ليجاب بما يدل عليها ولما تاقت نفسه إلى سرعة المبشر به
{ قال رب اجعل لي آية } أي علامة على حمل امرأتي { قال آيتك } عليه { ألا تكلم الناس } أي تمتنع من كلامهم بخلاف ذكر الله { ثلاث ليال } أي بأيامها كما في آل عمران ثلاثة أيام { سويا } حال من فاعل تكلم أي بلا علة
{ فخزج على قومه من المحراب } أي المسجد وكانوا ينتظرون فتحه ليصلوا فيه بأمره على العادة { فأوحى } أشار { إليهم أن سبحوا } صلوا { بكرة وعشيا } أوائل النهار وأواخره على العادة فعلم بمنعه من كلامهم حملها بيحيى وبعد ولادته بسنتين قال الله تعالى له
{ يا يحيى خذ الكتاب } أي التوراة { بقوة } بجد { وآتيناه الحكم } النبوة { صبيا } بن ثلاث سنين
{ وحنانا } رحمة للناس { من لدنا } من عندنا { وزكاة } صدقة عليهم { وكان تقيا } روي أنه لم يعمل خطيئة ولم يهم بها
{ وبرا بوالديه } أي محسنا إليهما { ولم يكن جبارا } متكبرا { عصيا } عاصيا لربه
{ وسلام } منا { عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا } أي في هذه الأيام المخوفة التي يرى ما لم يره قبلها فهو آمن فيها
{ واذكر في الكتاب } القرآن { مريم } أي خبرها { إذ } حين { انتبذت من أهلها مكانا شرقيا } أي اعتزلت في مكان نحو الشرق من الدار
{ فاتخذت من دونهم حجابا } أرسلت سترا تستتر به لتفلي رأسها أو ثيابها أو تغتسل من حيضها { فأرسلنا إليها روحنا } جبريل { فتمثل لها } بعد لبسها ثيابها { بشرا سويا } تام الخلق
{ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا } فتنتهي عني بتعوذي
قال { قال إنما أنا رسول ربك ليهب لك غلاما زكيا } بالنبوة
{ قالت أني يكون لي غلام ولم يمسسني بشر } بتزوج { ولم أك بغيا } زانية
{ قال } الأمر { كذلك } من خلق غلام منك من غير أب { قال ربك هو علي هين } أي بأن ينفخ بأمري جبريل فيك فتحملي به ولكون ما ذكر في معنى العلة عطف عليه { ولنجعله آية للناس } على قدرتنا { ورحمة منا } لمن آمن به { وكان } خلقه { أمرا مقضيا } به في علمي فنفخ جبريل في جيب درعها فأحست بالحمل في بطنها مصورا
{ فحملته فانتبذت } تنحت { به مكانا قصيا } بعيدا من أهلها
{ فأجاءها } جاء بها { المخاض } وجع الولادة { إلى جذع النخلة } لتعتمد عليه فولدت والحمل والتصوير والولادة في ساعة { قالت يا } للتنبيه { ليتني مت قبل هذا } الأمر { وكنت نسيا منسيا } شيئا متروكا لا يعرف ولا يذكر
{ فناداها من تحتها } أي جبريل وكان أسفل منها { ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا } نهر ماء كان قد انقطع
{ وهزي إليك بجذع النخلة } كانت يابسة والباء زائدة { تساقط } أصله بتاءين قلبت الثانية سينا وأذغمت في السين وفي قراءة تركها { عليك رطبا } تمييز { جنيا } صفته
{ فكلي } من الرطب { واشربي } من السري { وقري عينا } بالولد تمييز محول من الفاعل أي لتقر عينك به أي تسكن فلا تطمح إلى غيره { فإما } فيه إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة { ترين } حذفت منه لام الفعل وعينه وألقيت حركتها على الراء وكسرت ياء الضمير لالتقاء الساكنين { من البشر أحدا } فيسألك عن ولدك { فقولي إني نذرت للرحمن صوما } أي إمساكا عن الكلام في شأنه وغيره من الأناسي بدليل { فلن أكلم اليوم إنسيا } أي بعد ذلك
{ فأتت به قومها تحمله } حال فرأوه { قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا } عظيما حيث أتيت بولد من غير أب
{ يا أخت هارون } هو رجل صالح أي يا شبيهته في العفة { ما كان أبوك امرأ سوء } أي زانيا { وما كانت أمك بغيا } أي زانية فمن أين لك هذا الولد
{ فأشارت } لهم { إليه } أن كلموه { قالوا كيف نكلم من كان } أي وجد { في المهد صبيا }
{ قال إني عبد الله آتاني الكتاب } أي الإنجيل { وجعلني نبيا }
{ وجعلني مباركا أينما كنت } أي نفاعا للناس إخبار بما كتب له { وأوصاني بالصلاة والزكاة } أمرني بهما { ما دمت حيا }
{ وبرا بوالدتي } منصوب يجعلني مقدرا { ولم يجعلني جبارا } متعاظما { شقيا } عاصيا لربه
{ والسلام } من الله { علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا } يقال فيه ما تقدم في السيد يحيى قال تعالى
{ ذلك عيسى بن مريم قول الحق } بالرفع خبر مبتدأ مقدر أي قول بن مريم وبالنصب بتقدير قلت والمعنى القول الحق { الذي فيه يمترون } من المرية أي يشكون وهم النصارى قالوا إن عيسى بن الله كذبوا
{ ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه } تنزيها له عن ذلك { إذا قضى أمرا } أي أراد أن يحدثه { فإنما يقول له كن فيكون } بالرفع بتقدير هو وبالنصب بتقدير أن ومن ذلك خلق عيسى من غير أب
{ وأن الله ربي وربكم فاعبدوه } بفتح أن بتقدير اذكر وبكسرها بتقدير قل بدليل { ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم } { هذا } المذكور { صراط } طريق { مستقيم } مؤد إلى الجنة
{ فاختلف الأحزاب من بينهم } أي النصارى في عيسى أهو بن الله أو إله معه أو ثالث ثلاثة { فويل } فشدة عذاب { للذين كفروا } بما ذكر وغيره { من مشهد يوم عظيم } أي حضور يوم القيامة وأهواله
{ أسمع بهم وأبصر } بهم صيغتا تعجب بمعنى ما أسمعهم وما أبصرهم { يوم يأتوننا } في الآخرة { لكن الظالمون } من إقامة الظاهر مقام المضمر { اليوم } أي في الدنيا { في ضلال مبين } أي بين به صموا عن سماع الحق وعموا عن إبصاره أي اعجب منهم يا مخاطب في سمعهم وإبصارهم في الآخرة بعد أن كانوا في الدنيا صما عميا
{ وأنذرهم } خوف يا محمد كفار مكة { يوم الحسرة } هو يوم القيامة يتحسر فيه المسيء على ترك الإحسان في الدنيا { إذ قضى الأمر } لهم فيه بالعذاب { وهم } في الدنيا { في غفلة } عنه { وهم لا يؤمنون } به
{ إنا نحن } تأكيد { نرث الأرض ومن عليها } من العقلاء وغيرهم بإهلاكهم { وإلينا يرجعون } فيه للجزاء
{ واذكر } لهم { في الكتاب إبراهيم } أي خبره { إنه كان صديقا } مبالغا في الصدق { نبيا } ويبدل من خبره
{ إذ قال لأبيه } آزر { يا أبت } التاء عوض عن ياء الإضافة ولا يجمع بينهما وكان يعبد الأصنام { لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك } لا يكفيك { شيئا } من نفع أو ضر
{ يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا } طريقا { سويا } مستقيما
{ يا أبت لا تعبد الشيطان } بطاعتك إياه في عبادة الأصنام { إن الشيطان كان للرحمن عصيا } كثير العصيان
{ يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن } إن لم تتب { فتكون للشيطان وليا } ناصرا وقرينا في النار
{ قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم } فتعيبها { لئن لم تنته } عن التعرض لها { لأرجمنك } بالحجارة أو بالكلام القبيح فاحذرني { واهجرني مليا } دهرا طويلا
{ قال سلام عليك } مني أي لا أصيبك بمكروه { سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا } من حفي أي بارا فيجيب دعائي وقد أوفي بوعده المذكور في الشعراء واغفر لأبي وهذا قبل أن يتبين له أنه عدو الله كما ذكره في براءة
{ وأعتزلكم وما تدعون } تعبدون { من دون الله وأدعوا } أعبد { ربي عسى أ } ن { لا أكون بدعاء ربي } بعبادته { شقيا } كما شقيتم بعبادة الأصنام
{ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله } بأن ذهب إلى الأرض المقدسة { وهبنا له } ابنين يأنس بهما { إسحاق ويعقوب وكلا } منهما { جعلنا نبيا }
{ ووهبنا لهم } الثلاثة { من رحمتنا } المال والولد { وجعلنا لهم لسان صدق عليا } رفيعا هو الثناء الحسن في جميع أهل الأديان
{ واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا } بكسر اللام وفتحها من أخلص في عبادته وخلصه الله من الدنس { وكان رسولا نبيا }
{ وناديناه } بقول يا موسى إني أنا الله { من جانب الطور } اسم جبل { الأيمن } أي الذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين { وقربناه نجيا } مناجيا بأن أسمعه الله تعالى كلامه
{ ووهبنا له من رحمتنا } نعمتنا { أخاه هارون } بلد أو عطف بيان { نبيا } حال هي المقصورة بالهبة إجابة لسؤاله أن يرسل أخاه معه وكان أسن منه
{ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد } لم يعد شيئا إلا وفي به وانتظر من وعده ثلاثة أيام أو حولا حتى رجع إليه في مكانه { وكان رسولا } إلى جرهم { نبيا }
{ وكان يأمر أهله } أي قومه { بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا } أصله مرضوو قلبت الواوان ياءين والضمة كسرة
{ واذكر في الكتاب إدريس } هو جد أبي نوح { إنه كان صديقا نبيا }
{ ورفعناه مكانا عليا } هو حي في السماء الرابعة أو السادسة أو السابعة أو في الجنة أدخلها بعد أن أذيق الموت وأحيي ولم يخرج منها
{ أولئك } مبتدأ { الذين أنعم الله عليهم } صفة له { من النبيين } بيان له وهو في معنى الصفة وما بعده إلى جملة الشرط صفة للنبيين فقوله { من ذرية آدم } أي إدريس { وممن حملنا مع نوح } في السفينة أي إبراهيم بن ابنه سام { ومن ذرية إبراهيم } أي إسماعيل وإسحاق ويعقوب { و } من ذرية { إسرائيل } هو يعقوب أي موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى { وممن هدينا واجتبينا } أي من جملتهم وخبر أولئك { إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا } جمع ساجد وباك أي فكونوا مثلهم وأصل بكي بكوي قلبت الواو ياء والضمة كسرة
{ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة } بتركها كاليهود والنصارى { واتبعوا الشهوات } من المعاصي { فسوف يلقون غيا } هو واد في جهنم أي يقعون فيه
{ إلا } لكن { من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون } ينقصون { شيئا } من ثوابهم
{ جنات عدن } إقامة بدل من الجنة { التي وعد الرحمن عباده بالغيب } حال أي غائبين عنها { إنه كان وعده } أي موعوده { مأتيا } بمعنى آتيا وأصله مأتوي أو موعوده هنا الجنة يأتيه أهله
{ لا يسمعون فيها لغوا } من الكلام { إلا } لكن يسمعون { سلاما } من الملائكة عليهم أو من بعضهم على بعض { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا } أي على قدرهما في الدنيا وليس في الجنة نهار ولا ليل بل ضوء ونور أبدا
{ تلك الجنة التي نورث } نعطي وننزل { من عبادنا من كان تقيا } بطاعته ونزل لما تأخر الوحي أياما وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا
{ وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا } أي أمامنا من أمور الآخرة { وما خلفنا } من أمور الدنيا { وما بين ذلك } أي ما يكون في هذا الوقت إلى قيام الساعة أي له علم ذلك جميعه { وما كان ربك نسيا } بمعنى ناسيا أي تاركا لك بتأخير الوحي عنك
هو { رب } مالك { السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته } أي اصبر عليها { هل تعلم له سميا } مسمى بذلك لا
{ ويقول الإنسان } المنكر للبعث أبي بن خلف أو الوليد بن المغيرة النازل فيه الآية { أئذا } بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال ألف بينها بوجهيها وبين الأخرى { ما مت لسوف أخرة حيا } من القبر كما يقول محمد فالاستفهام بمعنى النفي أي لا أحيا بعد الموت وما زائدة للتأكيد وكذا اللام ورد عليه بقوله تعالى
{ أو لا يذكر الإنسان } أصله يتذكر أبدلت التاء ذالا وأدغمت في الذال وفي قراءة تركها وسكون الذال وضم الكاف { أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا } فيستدل بالابتداء على الإعادة
{ فوربك لنحشرنهم } أي المنكرين للبعث { والشياطين } أي نجمع كلا منهم وشيطانه في سلسلة { ثم لنحضرنهم حول جهنم } من خارجها { جثيا } على الركب جمع جاث وأصله جثوو أو جثوي من جثا يجثو أو يجثي لغتان
{ ثم لننزعن من كل شيعة } فرقة منهم { أيهم أشد على الرحمن عتيا } جراءة
{ ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها } أحق بجنهم الأشد وغيره منهم { صليا } دخولا واحتراقا فنبدأ بهم وأصله صلوي من صلي بكسر اللام وفتحها
{ وإن } أي ما { منكم } أحد { إلا واردها } أي داخل جهنم { كان على ربك حتما مقضيا } حتمه وقضى به لا يتركه
{ ثم ننجي } مشددا ومخففا { الذين اتقوا } الشرك والكفر منها { ونذر الظالمين } بالشرك والكفر { فيها جثيا } على الركب
{ وإذا تتلى عليهم } أي المؤمنين والكافرين { آياتنا } من القرآن { بينات } واضحات حال { قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين } نحن وأنتم { خير مقاما } منزلا ومسكنا بالفتح من قام وبالضم من أقام { وأحسن نديا } بمعنى النادي وهو مجتمع القوم يتحدثون فيه يعنون نحن فنكون خيرا منكم قال تعالى
{ وكم } أي كثيرا { أهلكنا قبلهم من قرن } أي أمة من الأمم الماضية { هم أحسن أثاثا } مالا ومتاعا { ورءيا } منظرا من الرؤية فكما أهلكناهم لكفرهم نهلك هؤلاء
{ قل من كان في الضلالة } شرط جوابه { فليمدد } بمعنى الخبر أي يمد { له الرحمن مدا } في الدنيا يستدرجه { حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب } كالقتل والأسر { وإما الساعة } المشتملة على جهنم فيدخلونها { فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا } أعوانا أهم أم المؤمنون وجندهم الشياطين وجند المؤمنين عليهم الملائكة
{ ويزيد الله الذين اهتدوا } بالإيمان { هدى } بما ينزل عليهم من الآيات { والباقيات الصالحات } هي الطاعة تبقى لصاحبها { خير عند ربك ثوابا وخير مردا } أي ما يرد إليه ويرجع بخلاف أعمال الكفار والخيرية هنا في مقابلة قولهم أي الفريقين خير مقاما
{ أفرأيت الذي كفر بآياتنا } العاصي بن وائل { وقال } لخباب بن الأرت القائل له تبعث بعد الموت والمطالب له بمال { لأوتين } على تقدير البعث { مالا وولدا } فأقضيك قال تعالى
{ أطلع الغيب } أي أعلمه وأن يؤتى ما قاله واستغنى بهمزة الاستفهام عن همرة الوصل فحذفت { أم اتخذ عند الرحمن عهدا } بأن يؤى ما قاله
{ كلا } أي لا يؤتى ذلك { سنكتب } نأمر بكتب { ما يقول ونمد له من العذاب مدا } نزيده بذلك عذابا فوق عذاب كفره
{ ونرثه ما يقول } من المال والولد { ويأتينا } يوم القيامة { فردا } لا مال له ولا ولد
{ واتخذوا } أي كفار مكة { من دون الله } الأوثان { آلهة } يعبدونهم { ليكونوا لهم عزا } شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا
{ كلا } أي لا مانع من عذابهم { سيكفرون } أي الآلهة { بعبادتهم } أي ينفونها كما في آية أخرى { ما كانوا إيانا يعبدون } { ويكونون عليهم ضدا } أعوانا وأعداء
{ ألم تر أنا أرسلنا الشياطين } سلطانهم { على الكافرين تؤزهم } تهيجهم إلى المعاصي { أزا }
{ فلا تعجل عليهم } بطلب العذاب
{ إنما نعد لهم } الأيام والليالي أو الأنفاس { عدا } إلى وقت عذابهم
اذكر { يوم نحشر المتقين } بإيمانهم { إلى الرحمن وفدا } جمع وافد بمعنى راكب
{ ونسوق المجرمين } بكفرهم { إلى جهنم وردا } جمع وارد بمعنى ماش عطشان
{ لا يملكون } أي الناس { الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا } أي شهادة أن لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
{ وقالوا } أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله { اتخذ الرحمن ولدا } قال تعالى لهم
{ لقد جئتم شيئا إذا } أي منكرا عظيما
{ تكاد } بالتاء والياء { السماوات يتفطرن } بالتاء وتشديد الطاء بالانشقاق وفي قراءة بالنون { منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا } أي تنطبق عليهم من أجل
{ أن دعوا للرحمن ولدا } قال تعالى
{ وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا } أي ما يليق به ذلك
{ إن } أي ما { كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا } ذليلا خاضعا يوم القيامة منهم عزير وعيسى
{ لقد أحصاهم وعدهم عدا } فلا يخفى عليه مبلغ جميعهم ولا واحد منهم
{ وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } بلا مال ولا نصير يمنعه
{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا } فيما بينهم يتوادون ويتحابون ويحبهم الله تعالى
{ فإنما يسرناه } أي القرآن { بلسانك } العربي { لتبشر به المتقين } الفائزين بالإيمان { وتنذر } تخوف { به قوما لدا } جمع ألد أي جدل بالباطل وهم كفار مكة
{ وكم } أي كثيرا { أهلكنا قبلهم من قرن } أي أمة من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل { هل تحس } تجد { منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا } صوتا خفيا لا فكما أهلكنا أولئك نهلك هؤلاء